حزب إيه اللي انت جاي تقول عليه بقلم.الأستاذ / سعد ربيعمنذ عشرسنوات عجاف ودون سابق إنذار طفى صاحبنا على سطح الحياة السياسية ، وكان ظهوره مؤرخا لمرحلة سياسية غريبة دفعت فيها مصر" الشعب " وما زالت تدفع ثمنا غاليا ، كان من أهم ملامح هذه المرحلة " الكئيبة " تحول أكبر شركة حكومية " وطنية " يملكها المصريون و تعمل فى إنتاج أهم سلعة إستراتيجية إلى شركة خاصة يملكها الرجل المحظوظ الذى فتحت له طاقة القدر ،ولم يكن ذلك كافيا فى نظره هو ومن يقف خلفه ، فأطلقت يده فى العبث بسعر السلعة المهمة بعد أن أقصى المتنافسون بفعل فاعل دبر بليل ، على أثر ذلك إندفع الرجل فى طريق الثراء كالسهم وفى سنوات معدودة أصبح أحد أهم أركان نادى أصحاب المليارات فى مصر ، وأصبحت ثروته حديث الدانى والقاصى ، قبل هذا الظهور" المشئوم " له لم يكن أحد يسمع عنه شيئا ، فلم يكن مثلا سليل عائلة سياسية بالوراثه كالثائرالنبيل مجدى حسين --فك الله أسره -- ، ولم يكن فى شبابه وتلمذته ناشطا طلابيا بارزا كعبد المنعم أبو الفتوح -- فرج الله كربه -- الذى عرفته مصر كلها سياسيا من الوزن الثقيل منذ مواجهته الشجاعة للرئيس السادات فى مؤتمر عام أعلمه فيه أن البطانة المحيطة به هى بطانة سوء تنقل له صورة مزيفة لا علاقة لها بالواقع الذى يعيشه الناس ، كما أن صاحبنا لم يظهر نبوغا سياسيا مبكرا كعصام العريان الذى دخل البرلمان فى نهاية الثمانينات كأصغر عضو منتخب " إنتخابا حقيقيا " ورشحته جماهير نشطاء الانترنت كمنافس حقيقى لرئيس الجمهورية ، ولم يعرف للمذكور أعلاه قبل ظهوره " غير الميمون " طموح سياسى كالبرلمانى السابق أيمن نور الذى أورده طموحه المهالك ، ورغم ذلك فإن الرجل الذى لم يعرفه
أحد قبل هبوطه على الحياة السياسية " بالبراشوت " أصبح أحد أهم الساسة فى هذه المرحلة " غير المباركة " بعد أن ورث منصب " المايسترو البرلمانى" الذى شغله من قبله رجل أفلح فى أن يحوز كراهية كل شىء على أرض المحروسة حتى الجبال و الشجر والدواب ، هذا الذى كان يدير الحزب والأغلبية التى صنعها على عينه داخل البرلمان بإشارة واحدة من أصغر أصابعه أو إيماءة من رأسه متهكما على معارضيه ساخرا من خصومه محتميا بنفوذه وقوته ، راح " المايسترو الجديد" هو وحزبه بعد أن خلا لهما الجو بما سمى بالتعديلات الدستورية التى جففت منابع المشاركة السياسية يمارسان ما أسموه بالانتخابات القاعدية ناسيا ان فاقد الشىء لا يعطيه، وبهذه المناسبة أخذ يدلى بتصريحات لقواعد حزبه الذين جمعوا له على عجل وجاءو من كل فج يدفعهم الفضول لرؤية الرجل القوى الذى طالما سمعوا عنه الحكايات ويسوقهم الأمل فى تحصيل مغانم الانتماء الحزبى ولو صغرت ، تصريحات من نوع الإملاءات التى لا تقبل إعتراضات ولا تتحمل مناقشات ومن ذا الذى يجرؤ على مناقشة الرجل القوى والسياسى المعجزة ،فى هذه الإجتماعات قرر فى جرأة يحسد عليها أن البطالة انخفضت وأن هناك ثلاثة ارباع مليون يدخلون سوق العمل سنويا ولو كان هذا صحيحا فمعنى ذلك أن ثمانية ملايين دخلو سوق العمل فى العشر سنوات الأخيرة ولو كان ما يقوله صحيحا لإختفت البطالة تماما ، وما رأينا شبابا يخاطر بالموت غرقا بحثا عن عمل يظنه مجزيا بعد أن فقد الأمل فى تحصيله داخل وطنه، وأخذ يتحدث عن معايير غريبة وخادعة إخترعها هو وأقرانه فى حزبه للتغطية على فشلهم فى توفير شربة ماء نظيفة أو لقمة غذاء آمنة أو تعليم حقيقى أو رعاية صحية محترمة كزيادة عدد التليفونات المحمولة و إرتفاع مبيعات السيارات
والثلاجات، ولأنه يعلم علم اليقين أنه لن يعارضه أحد فى شىء مما يقول قرر بيقين من يملك الحقيقة الكاملة وبثقة إكتسبها من " التعديلات الدستورية " التى جعلت حزبه " الفاشل " ينفرد بالساحة فهو يرى أن وجود ٨٨ عضوا من المحظورة كان سببه عدم الالتزام الحزبى فالعضو -- كما قال -- إذا طالبناه بالالتزام برؤية الحزب فى الترشيح قال " حزب ايه اللى انت جاى تقول عليه " ولم يمتثل لرأى الحزب هكذا !!فوجود خمس أعضاء المجلس من الاخوان لم يكن سببه إنتشار الجماعة وتغللها فى نسيج المجتمع المصرى وحسن تنظيمها وقدرتها على مخاطبة الناخب المصرى الذى أعطاها ثقته وإنما كان سببه -- كما يرى فلتة زمانه -- عدم الالتزام الحزبى ، ولم ينس أن يبشرنا نحن الذين يقلقنا كثيرا مستقبل الحزب و يؤلمنا ويؤرقنا كثيرا " التسيب الحزبى !! " أنه سيتم القضاء نهائيًا على هذا التسيب خلال الانتخابات المقبلة من خلال فصل العضو المنشق عن الحزب نهائياً ، طبعا لم يعد الحزب فى حاجة إلى الناجحين من المنشقين الذين ستر بهم عورته فى الانتخابات الاخيرة لأنه ببساطة لن يكون هناك فى الساحة إلا من رشحه الحزب وضمن له المقعد بعد الغاء الاشراف القضاء -- لو كنت واحدا من الحاضرين لقلت له يا رااجل اتق الله حزب ايه اللى انت جاى تقول عليه