غريب مشرف
عدد الرسائل : 11 العمر : 39 اعلام الدول : المهنة : لأوسمة : الهواية : تاريخ التسجيل : 23/09/2009
| موضوع: خواطر تربويه عن الحج الإثنين ديسمبر 07, 2009 1:54 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يقول دكتور صلاح سلطان حفظه الله هذه خواطر فكرية وتربوية عن رحلة الحج منها ما يلي: أولاً: من رحمة الله تعالى بنا أن جعل لنا فرصا للتوبة، ومجالا للعودة، فإن زلت بالمسلم قدم بعد ثبوتها أدركته الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والحج في العمر كله هذه كلها مغاسل من الذنوب، في كل يوم وأسبوع وعام والعمر كله، فالله تعالى يعلم ضعف عباده فيجعل لهم فرصا أن يحيى الفطرة التي ماتت، أو القلوب التي غفلت والحج يأتي على رأس هذه العبادات حيث يرجع به الحاج كيوم ولدته أمه، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة، لأنه يقطع مسافات بعيدة عن الأرض التي عصى الله فيها، من الأهل والمال والولد الذين شغلنا بهم عن علائقنا بخالقنا والاستعداد لأخرتنا فنلبس لبسة الإحرام مثل الموتى القادمين على الدار الآخرة، متجردين من كل علائق الدنيا، وهكذا قلوب الحجاج إلى بيت الله الحرام يفيض بحب الله تعالى والقدوم عليه والتوبة إليه. ثانيا: يجتمع في الحج ملايين المسلمين (2.5) مليون مسلم، والمؤتمرات الكبرى في العالم ترتب لها دول، وتقطع للحضور التذاكر، وتوفر لهم المطاعم والمشارب، لكن هؤلاء ادخروا من أقواتهم، واقتطعوا من أوقاتهم، وتركوا أعمالهم وتجارتهم بل وأولادهم، وجاءوا في صورة من الإخلاص الشديد، وهذا أعظم رصيد لهذه الأمة فمن قال: هلك المسلمون فهو أهلكهم والحج يدل على أن في الأمة رصيدا من التدين، ووفرة من الإخلاص، ورغبة في العطاء، وحرص على المناسك، صحيح أنها تحتاج إلى ترشيد ومزيد من العلم وكثير من التنظيم لكنه مع ذلك طوفان من الإخلاص، وهى رصيد لعودة الإسلام ينبغي أن نرجو في الغير قبل غيرهم، فمن توفرت عنده مواد الأنباء الأصلية، لا يجوز له أن يبدأ في صناعتها في مكان آخر ويهمل هذه المواد المتوفرة، وهى تحتاج إلى عبء كبير في التنظيم والترتيب، لكنها في النهاية أعظم رصيد جاءوا من كل أقطار الأرض "من كل فج عميق" من أمريكا شمالها وجنوبها، وكندا وأوربا واستراليا، وآسيا وأفريقيا، ربهم واحد، كتابهم واحد، يؤمنون بجميع الأنبياء، يطوفون في اتجاه واحد، ويتحركون جميعا في اتجاه واحد من مكة إلى منى، ومنها إلى عرفات، ومن عرفات إلى المزدلفة ومنها إلى منى ثم مكة ثم عودة إلى منى لرمى الحجرات ثم من مكة يكون طواف الوداع والعودة إلى الأهل والأوطان. ثالثاً: في الحج ترى أعظم صورة في العالم لإلغاء الطبقية، وتخطى العنصرية، وتجاوز الفروق بين أبناء الإنسانية، وهى صورة عملية لهذا التجانس والحب والإخاء الذي لا يفرق بين أبيض وأسود، بين غنى وفقير، بين وزير وفقير، بين رجل وامرأة فالكل يحج إلى جوار بعضه، في مناسك واحدة في أماكن محددة، لا مكان للملوك دون غيرهم، ولا مكان للبيض دون السود، بل لا مكان للمرأة دون الرجل أو العكس، وما يزال العالم الآن حتى في أمريكا يحمل هذه العنصرية تجاه السود، صحيح أن الأمر قانونيا فيه حسم وقوانين صارمة لكنه لا يحل الأمر نفسيا واجتماعيا، ونحن في الإسلام نجد الحل عمليا واقعيا، ولذا سوى الإسلام بين أبي بكر من الأشراف وبلال من العبيد في جميع الحقوق، وقدم زيد بن حارثة لكفاءته الإدراية في قيادة جيش المسلمين على جعفر بن أبي طالب من أشراف المهاجرين وعبد الله بن رواحة من أشراف الأنصار، وكان عبادة بن الصامت من السود يقود الحوار مع المقوقس عظيم القبط في مصر الذي أنف من عبادة لسواده فغضب الوفد كله وهموا بالانصراف لولا تراجع المقوقس وتلقت الأمة علمها الشرعي ووثقت في أخذ القرآن وتفسيره والحديث وآدابه، والفقه وأحكامه من الموالى والعبيد من أمثال عكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر، وابن سيرين مولى أنس بن مالك، ويزيد بن حبيب مفتى مصر في زمن عمر بن عبد العزيز كان من السود، وأخذت العلم عن أبي يوسف العالم الفقير، كما أخذته عن أبي حنيفة العالم الثرى، ويمثل الحج الآن صورة عملية سامية لتطبيق هذا المبدأ من القلوب والمشاعر، وليس فقط من القوانين والمحاكم، وكم كانت ثورة السود في مطلع التسعينات 1992 في كاليفورنيا وولايات أخرى في أمريكا دالة على عمق الفجوة شعبيا بين أبناء الوطن الواحد، مما يشير إلى أن الأمر في ظلال الإسلام ينقل القضية من كونها إطاراً قانونياً صارماً إلى كونه إطار عقديا وأخلاقيا وإنسانيا، وهو قانوني في آخر الأمر وهو الجانب الذي يمكن أن تفيد منه أمريكا كدولة لو قبلت الإسلام مصححا لمسارها، ومقوما ومعالجا لأمراضها. رابعاً: في مكة ذكريات الأنبياء وبخاصة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم الذي يؤمن به المسلمون واليهود والنصارى وكل أصحاب الرسالات السماوية في العالم، وأولى الناس به هم المؤمنون المتبعون منهجه وقد كان سيدنا إبراهيم موفقا من الله في التوازن الكامل في حياته وذلك يبدو من الدوائر التالية: (1) علاقته بالله تعالى في أرقى صورها حيث اختبره الله تعالى بعديد من البلاء فصبر حتى قال عنه سبحانه "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين". (2) علاقته بوالده مع كفره وترويجه لبيع الأصنام لكن هذا لم يمنعه أن يكون باراً به داعيا إياه إلى الإيمان والصبر عليه عندما هدده بالضرب والرجم. (3) علاقته بزوجته سارة، ثم هاجر، في صورة من الحب والسكينة حتى إن هاجر لما تركها مع ولده وقلذه كبده بجوار الكعبة قالت: آلله أمرك بهذا قال: نعم : قالت إذن لن يضيعنا، وتحركت بهذا اليقين فكان ماء زمزم سبب الحياة في هذه المنطقة كلها. (4) علاقته بولده إسماعيل حيث يعرض عليه أن يذبحه تنفيذا لأمر الله فيقول له يا أبت افعل ما تؤمر والأب الآن يأمر ولده بما فيه نفعه صحيا أو علميا أو مالياً والابن يقول: بابا لن أفعل ما تأمر. (5) علاقته بضيوفه وقومه في إكرامهم وحسن معاملتهم، ودعوتهم حتى ألقوه في النار لكنه ظل حريصا عليهم داعيا لهم. (6) علاقته بالسلطة السياسية مثل النمرود الذي ادعى الألوهية فحاور بالأدلة العلمية والحجج الفكرية فبهت الذي كفر. وبهذا يكون الحج إلى هذه الأماكن درسا تربويا في إعادة التوازن لحياتنا فمنا من نجع ماديا وأخفق في علاقته بالله تعالى أو بزوجته وأولاده، وهناك الناجح علميا وأسريا، لكنه فاشل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهذا كله يمثل خللا تصلح مناسك الحج المسلم وتعيده إلى توازنه في كل جوانب حياته. خامساً: هناك أمور بحثت عنها في الحج فلم أجدها من قبل وأرجو أن تتحقق هذا العام: (1) هناك نقص عام في الوعي بالأهداف التربوية لأحكام الحج سواء في الفرد (روحيا وأخلاقيا وعقليا وبدنيا) أو في الأسرة والمجتمع والأمة. (2) هناك غيبة لأثر الحج في القوة الاقتصادية حيث كانت أعظم القرارات الاقتصادية في منع الربا فوق جبل الرحمة في يوم عرفة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه تحت قدمي هاتين ربا العباس بن عبد المطلب" وما يزال المسلمون يدورون في فلك الاقتصاد الربوي العالمي، ولم يضعوا البدائل الكافية للاقتصاد الربوي. (3) بحثت عن شئ واحد صُنع وأنتج في ديار الإسلام بدءا من لبس الإحرام وسجادة الصلاة وانتهاء بالسيارة والطيارة والمكيفات ووسائل الاتصالات فوجدتها كلها مستوردة ومن ثم فنحن أمة مستهلكة للحضارة وكنا منتجي حضارة، فهل نعود إلى ذلك المبدأ الإسلامي منتجين لا مستهلكين فقط، نملك ناصية الحضارة ولسنا مستهلكين لنخالة الحضارة، بناء حضارة تتعانق فيها قيم الإيمان وأخلاق الإسلام، مع الاقتصاد والمادة والسياسة والإعلام والفنون. (4) الاستفادة من مؤتمر الحج سياسيا في الاتفاق السياسي على أولوية واحدة كل عام تعتبرها الأمة جميعا واجبا شرعيا ، وهدفا عقديا يسعى الجميع لتحقيق مثل محاربة الفقر والتخلف والتبعية، تحرير ثالث الحرمين وأولى القبلتين، الدفاع المشترك بين أبناء المسلمين جميعا في حلف عسكري حازم، إقامة سوق إسلامية مشتركة الاستفادة من الموارد الهائلة (بشرية وخامات، وأراض، ومناخ ومنافذ بحرية، وغيرها) لصلاح الأمة المسلمة. وأتمنى هذا العام أن يصدر قرار بمقاطعة السلع التي تنتجها شركات تدعم العدوان الصهيوني على الفلسطين والقدس الشريف. هكذا أفهم الحج واقعا وآمالاً. | |
|
الطبيب المسلم
عدد الرسائل : 56 العمر : 38 اعلام الدول : المهنة : لأوسمة : الهواية : تاريخ التسجيل : 19/11/2008
| موضوع: رد: خواطر تربويه عن الحج الثلاثاء ديسمبر 08, 2009 12:09 am | |
| | |
|