الاعتكاف فرصة عظيمة للخلوة بالله تعالى , وتزكية النفس , وتطهير القلب , وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان , وكان يخلو فى غار حراء قبل البعثة , وأصبح الاعتكاف سنة مؤكدة واظب عليها النبى صلى الله عليه وسلم حتى لقى ربه .
والظالمون والمستبدون أوجدوا انواعا أخرى من الخلوات توازى "المعتكفات" ويسمونها "المعتقلات"
وبينهما أوجه للشبه والاختلاف :
• وكلاهما يحتاج الى تصريح من الأمن , الاول لتتمكن من نعمة الاعتكاف , والثانى ليتموا عليك نقمة الاعتقال !!!!!!
• عند دخولك المعتكف تجدد نيتك " نويت الاعتكاف " وعند باب المعتقل كذلك " نويت الاعتقال "!!!!
• " المعتَكف " و " المعتَقل " كلاهما اسم مكان , ولكن انت تدخل الاول "مختارا" فأنت فاعل وجاء منك اسم الفاعل (معتكِف) بكسر الكاف , بينما تساق الى الثانى "مُجبرا" فأنت مفعول وجاء منك اسم المفعول (معتَقَل ) بفتح التاء .
• أنت ترى المصلحة فى اعتكافك والنظام يرى المصلحة فى اعتقالك.!!!!!
• وأنت " خارج " للاعتكاف تجهز ملابسك وحاجياتك التى تكفيك العشْر , وأنت " داخل " للاعتقال تجهز ملابسك وحاجياتك التى قد تكفيك العمْر !!!!
• الاعتكاف عبادة عينية لا تجوز فيها الإنابة , والاعتقال يجوز فيه ذلك فلو لم يجدوا" زيدا" أخذوا "عمرا" !!!!
• والاعتكاف يكون مرة فى العام , بينما الاعتقال قد يكون على مدار العام !!!!!!
• الاعتكاف معلوم الموعد مسبقا , بينما الاعتقال كالموت يأتي بغتة !!!!!!!!
• الاعتكاف ينتهى ب "العيد" , والاعتقال يستمر ب "التجديد" .
• أغلب الفقهاء على انه يلزم الصوم لأى اعتكاف, وجمهور المستبدين على أنه ليس شرطا لأى اعتقال .
• يرى الفقهاء ان الأصل فى الاعتكاف أنه "مندوب" إلا إذا كان نذرا دخل دائرة "الوجوب", والمستبدون يرون الأصل فى الاعتقال "الوجوب" لا ينزل أبدا إلى دائرة "المندوب"
• وكما أن الفقهاء يجتهدون فى الجمع بين الأدلة بقولهم ( الجمع أولى ) و( إعمال الدليل خير من إهماله ) فكذلك الظالمون قد ييسروا لك فرصة الجمع بين الاعتقال والاعتكاف , فعندهم ( الجمع أولى ) و( الإعمال خير من الإهمال ) .
• "المعتَقَل" قد يحصل على ثواب "المعتَكِف "متى أدركته العشر الأواخر فى المعتقل وجدد نيته وعلم الله أنه لو خرج لاعتكف , أما "المعتَكِف" فأغلب الظن عندى أنه لا يحصل ثواب " المعتَقَل " إذ لا يُعقل أن ينوى أنه متى أنهى اعتكافه اعتقل !!!!
• وعموما فالأنظمة المستبدة تحاول تضييق "المعتكفات" لصالح "المعتقلات", وتمد خط انابيب يعمل فى اتجاه واحد من المعتكف الى المعتقل .
فسبحان الذى يغير ولا يتغير وهو على كل شىء قدير
فيا أيها المعتكف ويا أيها المعتقل أنتما غالبا تتبادلان الأدوار فكم من معتقل سبقت له الحسنى بالاعتكاف وكم من معتكف سبقت له أيضا الحسنى بالاعتقال,فكن مع الله على كل حال وأعلم ان الفرج قريب .
• فكلاهما فرصة عظيمة لتحصيل الثواب , وتخفيف الحساب .
والشيخ سعيد حوى رحمه الله يعتبر الخلوة, أو "العزلة المرحلية " من أهم روافد تجديد الإيمان وسمّاها ( غذاء العبودية ) , وابن القيم رحمه الله يعتبرها ( مراح ينزل به السائر ليجدد همته على السير ,وينظر فى شؤنه ) , ولابن عطاء الله السكندرى حكمة جليلة فى هذا حيث يقول ( ما نفع القلبَ شىءٌ مثل عزلة يدخل به ميدان فكرة ).